كشفت الأبحاث العلمية أن حاسة الشم أقصر الطرق وصولاًَ للدماغ من بين الحواس الأخرى ، فهي تنتقل مباشرة من فص الشم إلى قشرة الدماغ ، في الوقت ذاته تشترك المراكز الخاصة بالذاكرة وإثارة العواطف ، وهذا يفسر لنا ماينتابنا أحياناً عند شم رائحة معينة ، من استجلاب الذكريات المرتبطة بهذه الرائحة بل وتحريض المشاعر المرتبطة بهذه الذكريات ، والعكس أيضاً وهو تذكر رائحة معينة عند رؤية شيء كانت تسود به ..!
ولشدة تأثير الرائحة على النفس ، نجد أن الإسلام اهتم بكل مايجعل المسلم نظيفاً عطِراً ، لذلك ينبغي أن تكون سمة المسلم طيب رائحته ، فلقد كان الرسول الحبيب يبتعد عن كل مايبعث على الرائحة المنفرة حتى وإن كان حلالاً في ذاته ، وكان يقول : " يحضرني من الله حاضرة " ويخبر أن الملائكة تتأذى أيضاً من الروائح غير الطيبة كالبشر ..
و لو لم نجد إلا حب الرسول صلى الله عليه وسلم للطيب ، وكيف أن صحابته كانوا يشمون رائحته العطرة قبل أن يدخل عليهم لكفانا إدراكاً لروعة تأثيره .. لذلك يقول أحد الأئمة : لو أنفقت ربع مالك في الطيب ماكنت مسرفاً ..
إن تاريخ العطور ممتد منذ الأزل ، حيث تتنوع استخداماته بحسب الثقافة الشائعة في كل مجتمع ، فمثلاً استخدمت في تحنيط الموتى ، واستخدمت في طقوس دينية ، واستخدمت لأغراض النظافة .. و هذا الاستخدام الأخير - للنظافة - كان شائعاً في أوربا فكانوا لايستخدمون الماء والصابون ، وهذا يعني اختلال مقاييس الصحة والنظافة .. ولم يصبح الاستحمام شائعاً إلا في القرن الثامن عشر ..!!
لكن عندنا في الإسلام فهو يأتي بعد النظافة والطهارة ، مكملاً لها .. فما أروع ديننا حتى في رائحته
أما عن صناعة العطور فتعد الآن من أنشط الصناعات على مستوى العالم ، وتعتبر مدينة " جراس " في فرنسا عاصمة العطور - وليست باريس - لذلك اشتهرت العطور الحديثة بالفرنسية ، حتى وإن لم تكن كذلك .. وهي تستخلص من الأزهار ، وأحياناً الحيوانات كالمسك والعنبر .. وأحياناً من الأشجار كالعود الذي يستخلص من شجرة " إقوالوريا " الذي يعد من أفخر أنواع العطور وأغلاها ثمناً - في حال كونه أصلياً - لأن 10 % فقط من الأشجار المقطوعة تحوي مادة العود ، ومن الطريف أن مادة العود ناتجة عن طفيليات تعيش في تلك الأشجار ، والفضلات التي تطرحها هذه الطفيليات هي مادة العود التي نتعطر بها ..!!
ولأن النظافة والطيب من منهاج ديننا ، و لأن الجميع يحب سحر هذا العالم ، هناك قواعد ( عطرية ) ستجعل الشخص يفوح بأجمل الروائح :
- لا بد من النظافة الشخصية ، ونظافة الملابس ، لأن العطور في حال وضعت على أرضية غير نظيفة ، ستزيد الطين بلة ..
- مراعاة الأمور التي نبهتنا عليها السنة الشريفة والتي عدتها من الفطرة من قص الأظافر ، وغيرها ..
- عند الاستحمام اليومي أو الشبه يومي - على الأقل - ، يوضع مستحضر " deodorant " الذي يعمل على منع نشاط البكتيريا التي تتفاعل مع إفرازات الغدد العرقية محدثة رائحة كريهة .. والأفضل أن يكون من الأنواع الجيدة ..
- من الأفضل شراء العطر بتوابعه ، من سائل الإستحمام ، والكريم المرطب ، لأنها ستعطي رائحة أكثر تركيزاً ..
- هناك عطور خاصة بالجسم ، لاتحتوي على الكحول ، وبنكهات مختلفة ، منتشرة في محلات العطور العالمية ، والأجمل منها الشرقية كالعود و دهن الورد الطائفي ، والأفضل الإكثار منها في أماكن النبض في الجسد لتضمن استمرار انتشارها ..
ونصيحة لمن يشتري العود أو الورد - أو أي دهن شرقي - إن لم يكن أصلياً فلا يشتريه ، لأن رائحة المغشوش منفرة ..
- الشعر من أكثر الأماكن في الجسم تشبثاً بالرائحة ، وهناك عطور خاصة بالشعر ، إضافة إلى استخدام العطور الخالية من الكحول ودهن الشعر بها ..
بالمناسبة هناك فكرة شائعة لم تثبت طبياً حتى الآن وهي أن العطور تشيب الشعر .. !
- بخور العود سيعطي نتائج مرضية أيضاً في حال كان العود أصلي ، و للكشف عنه وسائل يعرفها المهتمون به ، ولكن هناك طرق سهلة يمكننا اتباعها وهي : ثقل العود ، فالعود الأصلي ثقيل .. إضافة إلى ملاحظة لونه ، حيث يكثر بالأصلي وجود العروق البنية الغامقة ، أو وضع قطعة منه في الماء فإذا طفت ولم يتغير لون الماء فهذا يعني جودته ..
- آخر مرحلة هي وضع العطور المخصصة للاستعمال الخارجي ، وهي التي دائماً يـُسأل عنها بينما تهمل المراحل السابقة .. !
- مزج العطور يعطي نتائج رائعة خاصة لمن يملك ذائقة شمية رفيعة ، سواء بين العطور الخاصة بالجسم ، أو ذات الاستخدام الخارجي ..